1. أنواع الملكية
1.1. المكلية التامة: هي التي تثبت للإنسان حق التصرف في كل من عينها ومنفعتها، فيقع الملك على ذات العين ومنفعتها. وهو الأصل في ملك الأعيان، فإذا حصل كان شاملاً لرقبتها ومنفعتها.
1.1.1. خصائص
1.1.1.1. للمالك مطلق التصرف في العين ومنافعها بكافة التصرفات المشروعة من بيع للعين وإجارة وإعارة وغيرها. وهذا الإطلاق لا يتقيد بشيء سوى عدم الضرر بالغير سواء أكان هذا الغير، فرداً أم جماعة أم الدولة نفسها ولذلك يجوز نزع الملك جبراً للمنفعة العامة.
1.1.1.2. للمالك حق الانتفاع بالشيء المملوك بأي وجه من وجوه الانتفاع غير متقید بزمان محدد ولا مكان معين ولا بشكل خاص ما لم يكن ذلك محرماً شرعاً كأن يجعل داره نادياً للقمار.
1.1.1.3. الملكية التامة ليس لها زمن محدد ينتهي الملك عنده، فلا ينتهي إلا بهلاك العين أو بانتقال الملك لغير مالكه بتصرف شرعي ناقل للملك أو بالميراث إذا مات المالك.
1.1.1.4. أن للمالك إذا أتلف الشيء المملوك له ملكاً تاماً لا يجب عليه ضمانه، لأنه لا فائدة من هذا الضمان. ولا يعني ذلك أنه يجوز للمالك أن يتلف ماله بلا سبب، فإذا فعل ذلك عوقب بالتعزير.
1.1.1.5. أن ملكية الأعيان لا تقبل الإسقاط، فلو أسقط شخص ملكيته لعين لا تسقط وتبقى مملوكة له، لأن هذا هو السائبة ولا سائبة في الإسلام.
1.2. الملكية الناقصة هي ما يثبت للإنسان من تملك عين وحدها دون المنفعة، أو تملك المنفعة دون العين سواء أكانت المنفعة شخصية أم عينية (١). فالملكية الناقصة هي التي لا يجتمع فيها ملك العين ومنفعتها، وإنما يكون للشخص ملك الرقبة دون منفعتها أو ملك المنفعة دون الرقبة.
1.2.1. ملك العين بلا منفعة :الأصل أن من ملك عيناً ملك منفعتها، لكن الشريعة أجازت في حالات معينة أن تمتلك العين دون منفعتها. ومن ذلك : أن يوصي شخص برقبة عين إلى عمرو، ويوصي بمنفعتها لمدة عشر سنوات لزيد؛ فإذا توفي الموصي انتقلت رقبة العين الموصى بها دون منفعتها إلى عمرو
1.2.2. ملك المنفعة بلا عين: أجازت الشريعة الإسلامية ملك المنفعة دون العين، فيحصل ذلك بعدة أسباب منها العقود الناقلة للمنفعة دون العين كالإجارة والإعارة والوصية بالمنفعة. فإن المنفعة في هذه العقود تنتقل إلى كل من المستأجر والمستعير والموصى له بالمنفعة، ومنها أيضاً الوقف فإن المنفعة تنتقل إلى الموقوف عليهم، وينتقل ملك الرقبة إلى الله (1 تعالى في الراجح من آراء الفقهاء ) . ومنها المرتفق العام: كحقوق الارتفاق.
1.2.2.1. وقد فرق الجمهور بين ملك المنفعة وحق الانتفاع، فملك المنفعة اختصاص حاجز للغير يبيح لمن يثبت له أن يستوفي المنفعة بنفسه، وأن يملكها لغيره، فللمستأجر الذي ملك المنفعة بعقد الإجارة استيفاء المنفعة بنفسه، وله أن يملكها لغيره بعوض وبغير عوض
1.3. الملكية الخاصة (الفردية) : هي التي يكون صاحبها فرداً أو مجموعة من الأفراد على سبيل الاشتراك.
1.3.1. الملكية الخاصة المستقلة: وهي ما كان الملك فيها خاصاً بفرد، ويختص به رقبة ومنفعة مثل: امتلاك بيت أو سيارة أو مصنع أو مزرعة أو غير ذلك
1.3.2. الملكية الخاصة المشتركة: وهي ما كان الملك فيها مشتركاً بين اثنين أو أكثر بسبب من أسباب التملك كالشراء والهبة والوصية والميراث أو بعقد الشركة.
1.4. الملكية العامة (الجماعية) هي الملكية التي يكون صاحبها مجموع الأمة.
1.4.1. فيكون المال مخصصاً لمصلحة عموم الناس ومنافعهم، ولا يقع عليه الملك الخاص المنفرد، ولا يستبد به فرد واحد أو أفراد معينين سواء كان أرضاً أو بناء أو نقداً أو عروض تجارة أو غير ذلك.
1.4.1.1. مثل أملاك بيت المال والمرافق العامة والحمى (وهو تخصيص جزء من الأرض الموات كمرعى للحيوانات)والصوافي (وهي ما اصطفاها الإمام من الأراضي المفتوحة لبيت مال المسلمين) والأراضي الموقوفة على جهات الخير وغير ذلك.
2. حقيقة الملكية
2.1. قبل بيان نظرة الإسلام إلى الملكية وأسبابها والقيود الواردة عليها لا بد من بيان حقيقة الملكية من حيث معناها والألفاظ ذات الصلة بها وأنواعها. وفيما يلي بيان ذلك.
3. معنى الملكية
3.1. اللغة : مصدر صناعي مأخوذ من الملك، وهو احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به. فيقال: ملكت الشيء ملكاً إذا احتويته وتوليت عليه، وانفردت بالتصرف فيه.
3.2. اصطلاح الفقهاء : هي علاقة شرعية بين الإنسان والمال تجعله مختصاً فيه اختصاصاً يمنع غيره عنه، بحيث يمكنه التصرف فيه عند تحقق أهليته للتصرف بكل الطرق السائغة له شرعاً وفي الحدود التي بينها الشرع
3.3. عرف الكمال بن الهمام : الملك بأنه: «القدرة على التصرف ابتداء إلا لمانع . »
3.4. عرف القرافي بأنه: «حكم شرعي مقدر في العين أو المنفعة، يقتضي تمكين من يضاف إليه من انتفاعه بالشيء وأخذ العوض عنه من حيث هو كذلك»
3.5. اصطلاح القانونيين المعاصرين هي: «حق الاستئثار باستعماله (الشيء) وباستغلاله والتصرف فيه على وجه دائم، وكل ذلك في حدود الشرع»
4. الألفاظ ذات الصلة بالملكية
4.1. الإباحة
4.1.1. اللغة: من أباح الرجل ماله، إذا أذن في الأخذ والترك، وجعله مطلق الطرفين.
4.1.1.1. الاصطلاح: الإذن بإتيان الفعل كيف شاء الفاعل
4.1.2. تنقسم إلى قسمين
4.1.2.1. الأول: ما أذن فيه الشارع، أي: ما ورد الدليل على إباحته من نص أو غيره من مصادر التشريع الأخرى
4.1.2.1.1. الإباحة التي تكون سبباً للملك: كإباحة الشارع إحراز المباحات من صيد بر وبحر، واحتشاش واحتطاب وغير ذلك
4.1.2.1.2. الإباحة التي تكون سبباً للانتفاع : كالانتفاع بالطرق العامة والحدائق
4.1.2.2. الثاني : هي ما أذن فيه لغيره باستهلاكه أو استعماله
4.1.2.2.1. نوع يكون التسليط فيه على العين لاستهلاكها كإباحة أكل الطعام وشرب الشراب دون أخذها في الولائم
4.1.2.2.2. ونوع يكون التسليط فيه على العين للانتفاع الشخصي بها فقط: كإذن مالك السيارة لغيره بركوبها، وإذن مالك البيت لغيره بسكناه
4.1.2.3. فالنوع الأول من القسم الأول يعد سبباً من أسباب الملكية. في حين أن النوع الثاني يعد سبباً من أسباب الانتفاع دون التملك
4.2. الاختصاص
4.2.1. اللغة: من خصصته بكذا أخصه خصوصاً وخصوصية: إذا جعلته له دون غيره، وخصصته (بالتثقيل) مبالغة، واختصصته به فاختص هو به، إذا انفرد به دون غيره
4.2.1.1. اصطلاح
4.2.1.1.1. المعنى الأول: اختصاص الملك الذي يقتضي التصرف الكامل بالشيء كتصرف الملاك بأملاكهم. وهو بهذا المعنى يتفق مع الملك
4.2.1.1.2. المعنى الثاني فهو اختصاص انتفاع أو حق الاختصاص
4.2.2. ويختلف حق الاختصاص عن حق الملكية من حيث المحل والأثر
4.2.2.1. فمحل الاختصاص الأشياء الممنوعة مثل الأراضي الموات فإنها من حيث الأصل غير مباحة، لكن أبيحت استثناء بالتحجير بقصد استثمار الأرض وتنميتها، في حين أن محل الملك هو الأشياء المباحة مثل الاصطياد والاحتشاش وغير ذلك.
4.2.2.2. وأما الأثر فلا يترتب على حق الاختصاص التصرف الكامل، فلا يجوز بيع مقاعد الأسواق، ولا مقاعد المساجد، في حين أن الملك يقتضي التصرف الكامل بما يملك.