1. باب: في ترتيب الأدلة ومعرفة الترجيح
1.1. المدخل:
1.1.1. ترتيب نظر المجتهد في الأدلة قبل أن يفتي في المسألة
1.1.1.1. أولا: ينظر إلى الإجماع
1.1.1.1.1. فإن وجده
1.1.1.1.2. فإن لم يجده
1.1.1.2. ثم ينظر في الكتاب والسنة المتواترة.
1.1.1.2.1. ملاحظة
1.1.1.3. ثم ينظر في أخبار الآحاد.
1.1.1.3.1. فإن عارض خبر خاصٌّ عمومَ كتاب أو سنة متواترة.
1.1.1.4. ثم ينظر -بعد ذلك- في قياس النصوص
1.1.1.4.1. فإن تعارض قياسان أو خبران أو عمومان، طلب الترجيح . وهذا ما سنبينه في هذا الباب -إن شاء الله
1.2. فصل: التعارض
1.2.1. تعريف التعارض لغة واصطلاحا
1.2.1.1. التعارض في اللغة
1.2.1.1.1. التمانع.
1.2.1.2. التعارض في الاصطلاح
1.2.1.2.1. تعريف الزركشي
1.2.1.2.2. وهناك تعريفات أخرى
1.2.2. هل يتصور التعارض بين خبرين؟
1.2.2.1. لا يجوز ولا يتصور التعارض في خبرين.
1.2.2.1.1. لأن خبر الله -تعالى- ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-لا يكون كذبًا.
1.2.2.2. وقد يرد التعارض في حكمين
1.2.2.2.1. فإذا وجد، فإنه لا يخلو
1.2.3. ويحصل الترجيح في الأخبار من ثلاثة أوجه:
1.2.3.1. الوجه الأول
1.2.3.1.1. يتعلق بالسند
1.2.3.2. الوجه الثاني
1.2.3.2.1. يتعلق بالمتن
1.2.3.3. الوجه الثالث
1.2.3.3.1. الترجيح لأمر خارج
1.3. فصل: في ترجيح المعاني
1.3.1. ترجح العلة بما يرجح به الخبر
1.3.2. ثم ذكر المؤلف عدة طرق لترجيح المعاني
1.3.2.1. 1،2،3،4
1.3.2.1.1. موافقة المعاني لدليل آخر من كتاب أو سنة، أو قول صحابي، أو خبر مرسل.
1.3.2.1.2. أن تكون إحدى العلتين ناقلة عن الأصل.
1.3.2.1.3. ورجح قوم العلة بخفة حكمها.
1.3.2.1.4. فأما إن كانت إحدى العلتين حاظرة والأخرى مبيحة، أو كانت إحداهما مسقطة للحد، أو موجبة للعتق.
1.3.2.2. 5،6،7،8
1.3.2.2.1. فإن كانت إحدى العلتين حكمًا، والأخرى وصفًا حسيًّا
1.3.2.2.2. ترجيح العلة إذا كانت أقل أوصافًا.
1.3.2.2.3. ترجيح العلة بكثرة فروعها وعمومها
1.3.2.2.4. العلة المنتزعة من الأصول ترجح على ما انتزع من أصل واحد.
1.3.2.3. 9،10،11،12
1.3.2.3.1. العلة المطردة المنعكسة ترجح على ما لا ينعكس.
1.3.2.3.2. العلة المتعدية والعلة القاصرة
1.3.2.3.3. ما كانت علته وصفًا يرجح على ما كانت علته اسمًا.
1.3.2.3.4. ما كانت علته إثباتًا يرجح على التعليل بالنفي
1.3.2.4. 13،14،15،
1.3.2.4.1. ترجح العلة المردودة إلى أصل قاسَ الشارعُ عليه
1.3.2.4.2. متى كان أصل إحدى العلتين متفقًا عليه، والآخر مختلفًا فيه، كانت المتفق على أصلها أولى.
1.3.2.4.3. وكذلك ترجح كل علة قوى أصلها
1.3.2.5. 16،17،18
1.3.2.5.1. ترجح العلة المؤثرة على الملائمة.
1.3.2.5.2. ترجح العلة الملائمة على الغريب.
1.3.2.5.3. ترجح العلة المناسبة على الشبهية.
2. فصل: تعريف الإجتهاد لغة واصطلاحا
2.1. الاجتهاد في اللغة: بذل المجهود، واستفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور الشاقة حسيا كان أو معنويا. ولا يستعمل إلا فيما فيه جهد، يقال: اجتهد في حمل الرحى، ولا يقال: اجتهد في حمل خردلة.
2.2. وفي عرف الفقهاء: مخصوص ببذل المجهود في العلم بأحكام الشرع
2.3. والمعنى التام للإجتهاد: هو أن يبذل الوسع في الطلب إلى أن يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب
3. فصل: شروط المجتهد، يشترط في المجتهد الشروط التالية:
3.1. الإحاطة بمدارك الأحكام المثمرة لها ، وهي كالآتي
3.1.1. الكتاب
3.1.1.1. والواجب عليه في معرفة الكتاب : معرفة ما يتعلق منه بالأحكام وهي قدر خمسمائة آية، ولا يشترط حفظها بل علمه بمواقعها حتى يسهل له طلبها وقت الحاجة
3.1.2. والسنة
3.1.2.1. والمشترط في معرفة السنة : معرفة أحاديث الأحكام
3.1.2.2. ومعرفة الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة ، ويكفيه أن يعرف أن المستدل به في حادثة ما غير منسوخ
3.1.2.3. ومعرفة أن الحديث الذي يعتمد عليه صحيحا غير ضعيف ، إما بمعرفة رواته وعدالتهم وإما بأخذه من الكتب الصحيحة
3.1.3. والإجماع
3.1.3.1. أما الواجب عليه في باب الإجماع: أن يعرف مواقع الإجماع ،ويكفي أن يعرف أن المسألة التي يفتي فيها هل هي من المجمع عليها أم من المختلف فيهن أم هي حادثة؟
3.1.4. واستصحاب الحال
3.1.5. والقياس التابع لها
3.2. هل تشترط العدالة في المجتهد؟
3.2.1. العدالة ليست شرطا لكونه مجتهدا ؛لكنها شرط لجواز الإعتماد على قوله فمن ليس عدلا لا تقبل فتياه
3.3. معرفة نصب الأدلة وشروطها
3.4. ومعرفة شيء من النحو واللغة
3.4.1. بالقدر الذي يتعلق به الكتاب والسنة ويستولي به على مواقع الخطاب ودرك دقائق المقاصد فيه ، ولا يضره قصوره عن علم "النحو" الذي يعرفه به قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} وقس عليه كل مسألة
3.5. هل يشترط معرفة تفاريع الفقه؟
3.5.1. الجمهور لا يشترطون ذلك لأنها مما ولدها المجتهدون
3.5.2. اشترطها بعض الفقهاء
3.6. هل يشترط في المجتهد بلوغ رتبة الاجتهاد في جميع المسائل؟
3.6.1. لا يشترط ذلك، بل متى علم أدلة المسألة الواحدة، وطرق النظر فيها: فهو مجتهد فيها، وإن جهل حكم غيرها.
3.6.1.1. مثال:
3.6.1.1.1. فمن نظر في مسألة "المشرّكة": يكفيه أن يكون فقيه النفس عارفًا بالفرائض: أصولها ومعانيها، وإن جهل الأخبار الواردة في تحريم المسكرات، والنكاح بلا ولي؛ إذ لا استمداد لنظر هذه المسألة منها، فلا تضر الغفلة عنها
3.6.1.2. الدليل
3.6.1.2.1. سئل مالك عن أربعين مسألة فقال في ست وثلاثين: "لا أدري". ولم يكن توَقُّفُه في تلك المسائل مخرجًا له عن درجة الاجتهاد.
4. فصل: مسألة: في جواز التعبد بالقياس والاجتهاد في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم. اختلف الفقهاء في هذه المسألة على عدة مذاهب:
4.1. جواز ذلك للغائب أما الحاضر فلا بد فيه من إذن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
4.1.1. الأدلة
4.1.1.1. قصة معاذ حين قال: "أجتهد رأيي": فصوّبه النبي صلى الله عليه وسلم.
4.1.1.2. وقال لعمرو بن العاص: "احكم" في بعض القضايا، فقال: "أجتهد وأنت حاضر؟! " فقال: "نعم، إن أصبت فلك أجران وإن أخطأت فلك أجر"
4.1.1.3. وفوض الحكم في بني قريظة إلى سعد بن معاذ، فحكم، وصوّبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
4.1.1.4. ومن المعقول: أنه ليس في التعبد به استحالة في ذاته، ولا يفضي إلى محال، ولا مفسدة.
4.2. جوازه مطلقا أي للحاضر والغائب
4.2.1. وهذا قول أكثر الشافعية
4.3. منعه مطلقًا للغائب والحاضر.
4.3.1. الدليل
4.3.1.1. أنه يمكن الحكم بالوحي الصريح، فكيف يردهم إلى الظن؟
4.3.2. أصحاب القول
4.3.2.1. وهو منقول عن بعض الشافعية وبعض المعتزلة.
4.4. وقال آخرون: يجوز للغائب، ولا يجوز للحاضر
4.5. التوقف ولم يذكره المصنف
5. فصل:في تعبد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-بالاجتهاد مما لا نص فيه. اختلف في هذه المسألة على عدة آراء
5.1. فيه قولان
5.1.1. يجوز أن يكون النبي متعبدا بالإجتهاد فيما لا نص فيه أما ما فيه نص فلا يجوز ، بدليل قوله تعالى: أتبع ما أوحي إليك من ربك
5.1.1.1. الحجة
5.1.1.1.1. أنه ليس بمحال في ذاته ولا يفضي إلى محال ولا مفسدة
5.1.1.1.2. أن الإجتهاد طريق لأمته
5.1.2. أنكر قوم
5.1.2.1. الحجة
5.1.2.1.1. لأنه قادر على استكشاف الحكم بالوحي الصريح
5.1.2.1.2. ولأن قوله نص قاطع ،والظن يتطرق إليه احتمال الخطأ فهما متضادان
5.1.3. منع القدرية الإجتهاد منه صلى الله عليه وسلم وقالوا: إن وافق الصلاح في البعض فيمتنع أن يوافق الجميع
5.1.3.1. الرد
5.1.3.1.1. هذا القول باطل؛ لأنه لا يستبعد أن يلقى الله في اجتهاد رسوله مافيه صلاح عباده
6. أما وقوع التعبد بالإجتهاد من قبل النبي فمختلف فيه
6.1. اختلف فيه بين المذاهب والمذهب الواحد فقيل بالوقوع لقوله تعال: فاعتبروا يا أولي الأبصار" وهو عام. وعوتب النبي صلى الله عليه وسلم في حكمه بأسارى بدر مما يدل على أنه قد اجتهد .ولأن داود وسليمان قد حكما بالإجتهاد كما في الأية: ففهمناها سليمان
6.1.1. الحجة
6.1.1.1. قوله تعالى: فاعتبروا يا أولي الأبصار. وجه الدلالة أنه عام
6.1.1.2. أن النبي صلى الله عليه وسلم عوتب في أسارى بدر ولو حكم بالنص لما عوتب ، أما أنه عوتب فهذا دليل على وقوع الإجتهاد منه
6.1.1.3. أن داود وسليمان حكما بالإجتهاد في قوله تعالى: ففهمناها سليمان
6.2. أنكر أكثر المتكلمين ذلك ؛ لقوله تعالى: وما ينطق عن الهوى" ولأنه لو كان مأمورا به لأجاب عن كل واقعة ولما انتظر الوحي
7. فصل: في خطأ المجتهدِ وإصابته
7.1. هل الحق واحد أم متعدد؟
7.1.1. الحق في قول واحد من المجتهدين، ومن عداه مخطئ، سواء كان في فروع الدين أو أصوله
7.1.1.1. الفرق بين الخطأ في الفروع والخطأ في الأصول من حيث العذر وعدمه
7.1.1.1.1. لكنه إن كان في فروع الدين مما ليس فيه دليل قاطع -من نص أو إجماع- فهو معذور غير آثم، وله أجر على اجتهاده.
7.1.1.2. أصحاب القول
7.1.1.2.1. وبه قال بعض الحنفية والشافعية.
7.1.1.3. الدليل
7.1.1.3.1. من الكتاب
7.1.1.3.2. من السنة
7.1.1.3.3. من الإجماع
7.1.1.3.4. من المعقول
7.1.2. وقال بعض المتكلمين: كل مجتهد "في الظنيات" مصيب، وليس على الحق دليل مطلوب.
7.1.2.1. زعم بعض من يرى تصويب كل مجتهد: أن دليل هذه المسألة قطعي.
7.1.2.1.1. وفَرَضَ الكلام في طرفين.
7.1.3. ذهب الظاهرية وبعض المتكلمين: أن الإثم غير محطوط عن المجتهدين في الفروع، بل فيها حقّ معين عليه دليل قاطع.
7.1.3.1. أصحاب القول
7.1.3.1.1. الظاهرية وبعض المتكلمين
7.1.3.2. حجتهم
7.1.3.2.1. أن الأصل عدم جميع الأحكام فم ثبت منها بدليل سمعي قاطع فهو ثابت ،وما لم يثبت بدليل قاطع فهو باق على النفي الأصلي قطعا ،ولا يثبت شيء من الأحكام بدليل ظني إذ لا مجال للظن في الأحكام
7.1.3.3. الأصول التي بنوا عليها قولهم
7.1.3.3.1. إنكار القياس
7.1.3.3.2. إنكار خبر الواحد
7.1.3.3.3. إنكار الحكم بالعموم
7.1.3.3.4. إنكار الحكم بالظاهر
7.1.4. وزعم العنبري والجاحظ: أن مخالف ملة الإسلام إذا نظر، فعجز عن درك الحقِّ: فهو معذور غير آثم.
7.1.4.1. صاحب القول
7.1.4.1.1. الجاجظ
7.1.4.2. الرد
7.1.4.2.1. أما الذي ذهب إليه الجاحظ: فباطل يقينًا، وكفر بالله- تعالى- وردٌّ عليه وعلى رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فإنا نعلم - قطعًا - أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-أمر اليهود والنصارى بالإسلام واتِّباعه، وذمهم على إصرارهم. ونقاتل جميعهم، ونقتل البالغ منهم. والآيات الدالّة في القرآن على هذا كثيرة: كقوله تعالى: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}، {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
7.1.5. وزُعم أن كل مجتهد مصيب في الأصول والفروع جميعًا.
7.1.5.1. صاحب القول
7.1.5.1.1. العنبري
7.1.5.2. الرد
7.1.5.2.1. إن أراد: أنهم لم يؤمروا إلا بما هم عليه.
7.1.5.2.2. وإن أراد: أن ما اعتقده فهو على اعتقاده.
8. فصل:في تعارض الأدلة.
8.1. إذا تعارض دليلان عند المجتهد، ولم يترجح أحدهما
8.1.1. القول الأول
8.1.1.1. وجب عليه التوقف ولم يكن له الحكم بأحدهما، ولا التخيير فيهما.
8.1.1.1.1. أصحاب القول
8.1.1.1.2. الدليل
8.1.2. القول الثاني
8.1.2.1. وقيل أنه يكون المجتهد مخيرًا في الأخذ بأيهما شاء.
8.1.2.1.1. أصحاب القول
8.1.2.1.2. الدليل
9. فصل:هل للمجتهد أن يقول قولين في مسألة واحدة؟
9.1. قول عامّة الفقهاء.
9.1.1. ليس للمجتهد أن يقول في المسألة قولين في حالٍ واحدة.
9.1.2. إشكال
9.1.2.1. نقل عن الشافعي القول بذلك في مواضع
9.1.2.1.1. مثال
9.1.2.1.2. الجواب عن الإشكال
9.2. أما ما يحكى عن غيره من الأئمة من الروايتين، فإنما يكون ذلك في حالتين: لاختلاف الاجتهاد، والرجوع عما رأى إلى غيره " ثم إن علمنا المتأخر عملنا به وألغينا المتقدم، وإن لم نعلم المتقدم منهما، فيكونان كالخبرين المتعارضين.
10. فصل:المجتهد لا يقلد غيره
10.1. هل يجوز للمجتهد أن يقلد غيره؟
10.1.1. موضع الاتفاق
10.1.1.1. 1- اتفقوا على أن المجتهد إذا اجتهد فغلب على ظنه الحكم، لم يجزْ له تقليد غيره.
10.1.2. موضع الخلاف
10.1.2.1. المتمكن من الاجتهاد في بعض المسائل، ولا يقدر على الاجتهاد في البعض إلا بتحصيل علم على سبيل الابتداء.
10.1.2.1.1. فالأشبه: أنه كالعامّي فيما لم يُحصّل علمُه.
10.1.2.1.2. قال أصحابنا: ليس له تقليد مجتهد آخر، مع ضيق الوقت، ولا سعته، لا فيما يخصه، ولا فيما يفتي به.
11. فصل:إذا نصّ المجتهد على حكم لعلة بينها في مسألة فهو مذهبه في كل مسألة توجد فيه هذه العلة؛ لأنه يعتقد الحكم تابعًا للعلة، ما لم يمنع منها مانع.
11.1. فإن لم يبين العلة: لم يجعل ذلك الحكم مذهبه في مسألة أخرى. وإن أشبهتها شبهًا يجوز خفاء مثله على بعض المجتهدين. فإنا لا ندري لعلها لو خطرت له لم يَصِرْ فيها إلى ذلك الحكم؛ ولأن ذلك إثبات مذهب بالقياس. لذلك افترقا في منصوص الشارع: فما نصَّ على علته كان كالنص، يُنسخ وينسخ به، وما لم ينص على علته: لم ينسخ ولم ينسخ به.
11.2. ولو نص المجتهد- على مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين: لم ينقل حكم إحداهما إلى الأخرى؛ ليكون له في المسألتين روايتان؛ لأنّا إذا لم نجعل مذهبه في المنصوص عليه مذهبًا في المسكوت عنه، فالطريق الأولى: أن لا نجعله مذهبًا له فيما نُصّ على خلافه. ولأنه إنما يضاف إلى الإنسان مذهب في المسألة بنصه، أو دلالة تجري مجرى نصه، ولم يوجد أحدهما. وإن وجد منه نوع دلالة على الأخرى، لكن قد نص فيها على خلاف تلك الدلالة، فالدلالة الضعيفة لا تقاوم النص الصريح.
11.3. فإن نص في مسألة واحدة على حكمين مختلفين،
11.3.1. فإن لم يعلم تقدم أحدهما: اجتهدنا في أشبههما بأصوله وأقواهما في الدلالة فجعلناها له مذهبًا، وكنا شاكِّين في الأخرى. وإن علمنا المتأخرة فهي المذهب؛ لأنه لا يجوز أن يجمع بين قولين مختلفين فيكون نصه الأخير رجوعًا عن رأيه الأول فلا يبقى مذهبًا له، كما لو صرح بالرجوع.
11.3.2. وقال بعض أصحابنا: يكون الأول مذهبًا له؛ لأنه لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد.
11.3.2.1. وهذا لا يصح: فإنهم إن أرادوا أن لا يترك ما أداه إليه اجتهاده الأول باجتهاده الثاني، فهو باطل يقينًا؛ فإنّا نعلم أن المجتهد في القبلة إذا تغير اجتهاده: ترك الجهة التي كان مستقبلًا لها، وتوجه على غيرها، والمفتي إذا أفتى في مسألة بحكم، ثم تغير اجتهاده: لم يجزْ أن يفتي فيها بذلك الحكم3، وكذلك الحاكم. وإن أرادوا: أن الحكم الذي حكم به على شخص لا ينقضه، أو ما أداه من الصلوات لا يعيده: فليس هذا نظيرًا لمسألتنا. إنما الخلاف فيما إذا تغير اجتهاده، هل يبقى الأول مذهبًا له أم لا، وقد بينا أنه لا يبقى4.
12. فصل:التقليد
12.1. تعريف التقليد لغة وشرعا :
12.1.1. التقليد لغة
12.1.1.1. وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به.
12.1.1.1.1. ويسمى ذلك قلادة، والجمع قلائد.
12.1.1.1.2. شاهد من القرآن
12.1.1.1.3. شاهد من السنة
12.1.1.1.4. شاهد من الشعر
12.1.2. التقليد في عرف الفقهاء
12.1.2.1. قبول قول الغير من غير حجة،
12.1.2.1.1. السبب
12.1.2.1.2. وعلى هذا التعريف
12.2. فصل أبو الخطاب العلوم على ضربين:
12.2.1. الضرب الأول
12.2.1.1. ما لا يسوغ التقليد فيه
12.2.1.1.1. مثل
12.2.1.1.2. السبب
12.2.2. الضرب الثاني
12.2.2.1. ما يسوغ فيه التقليد
12.2.2.1.1. وهو التقليد في الفروع
12.2.2.1.2. وذهب بعض القدرية إلى أن العامّة يلزمهم النظر في الدليل في الفروع أيضًا.
13. فصل: فيمن يستفتيه العامي
13.1. إذا جهل العامي الحكم في مسألة
13.1.1. فإنه يستفتي من غلب على ظنه أنه من أهل الاجتهاد.
13.1.1.1. العلامات التي يراعيها العامي في المستفتى
13.1.1.1.1. 1- بما يراه من انتصابه للفتيا بمشهد من أعيان العلماء.
13.1.1.1.2. 2- وأخذ الناس عنه.
13.1.1.1.3. 3- وما يتلمحه من سمات الدين والستر.
13.1.1.1.4. 4- أو يخبره عدل عنه.
13.1.2. أما من عرفه بالجهل: فلا يجوز أن ينقله اتفاقًا.
13.1.3. ومن جهل حاله
13.1.3.1. قيل: يجوز تقليده.
13.1.3.1.1. السبب
13.1.3.2. وقيل: أنه لا يجوز تقليد مجهول الحال.
13.1.3.2.1. قال به
13.1.3.2.2. الحجة
14. فصل: إذا تعدد المجتهدون فللمقلد سؤال من شاء
14.1. فأما إن استوى عنده المفتيان
14.1.1. ثلاثة أقوال لأهل العلم
14.1.1.1. قد رجح قوم القول الأشد؛ لأن الحق ثقيل.
14.1.1.2. ورجح الآخرون الأخف؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-بعث بالحنيفية السمحة
14.1.1.3. جاز له الأخذ بقول من شاء منهما؛ لأنه ليس قول بعضهم أولى من البعض. وهو الراجح ؛لأن القول بالأشد وبالأخف متعارضان فيسقطان
14.1.1.3.1. وقد روي عن أحمد- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ما يدل على جواز تقليد المفضول؛ فإن الحسين بن بشار سأله عن مسألة في الطلاق فقال: "إن فعل حنث" فقال له: يا أبا عبد الله، إن أفتاني إنسان -يعني: لا يحنث- فقال: تعرف حلقة المدنيين؟ -حلقة بالرصافة- فقال: إن أفتوني به حل؟ قال نعم. وهذا يدل على التخيير بعد الفتيا. والله أعلم.
14.2. إذا تعدد المجتهدون في البلد فهل يلزم مراجعة الأفضل؟
14.2.1. قولان لأهل العلم ووجه
14.2.1.1. القول الأول: يلزمه.
14.2.1.1.1. قال به
14.2.1.1.2. حجتهم
14.2.1.1.3. كيف يعرف الأفضل؟
14.2.1.2. القول الثاني: أنه لا يلزمه مراجعة الأفضل
14.2.1.2.1. الحجة
14.2.1.2.2. وهو الراحج عند المصنف
14.2.1.2.3. وفيه وجه آخر